هل كان لابد للمجمع العلمى المصرى أن يحترق حتى نعرفه؟!، هل احترق كله أم احترق الطابق الأول فقط؟ هل كان الحريق متعمداً أم هى كرة لهب طائشة أخطأت هدفها؟ كل هذه الأسئلة التى اهتمت بها الفضائيات تأتى فى المرتبة الثانية، أما السؤال المهم فهو الذى كان يسأله المارة فى شارع الشيخ ريحان: هو إيه المبنى اللى بيتحرق ده؟!

اللافتة تحمل رقم ١٣ شارع الشيخ ريحان، وهو رقم يتشاءم منه المصريون، ولكن لو عرفنا الرقم الذى يلخص تاريخ أقدم مؤسسة علمية فى الشرق الأوسط كله وليس فى مصر فقط أعتقد أننا كنا سنتفاءل. ١٧٩٨ هو تاريخ إنشاء هذا الصرح العلمى العملاق بقرار من نابليون بونابرت وكان مقره فى دار أحد البكوات المماليك فى القاهره ثم انتقل إلى الإسكندرية (١٨٥٩) وأصبح اسمه «المجمع العلمى المصرى» ثم عاد إلى القاهرة سنة ١٨٨٠، وكانت أهدافه العمل على تقدم مصر العلمى ونشر العلم والمعرفة فى مصر وبحث ودراسة ونشر أحداث مصر التاريخية ومرافقها الصناعية.

المجمع المصرى له أربع شُعب: الرياضيات، والفيزياء، والاقتصاد السياسى، والأدب والفنون الجميلة، وفى سنة ١٩١٨ أصبحت الشُعب: الأداب، والفنون الجميلة، وعلم الآثار، والعلوم الفلسفية والسياسة، والفيزياء والرياضيات، والطب والزراعة والتاريخ الطبيعى.

يضم المجمع المصرى مكتبة بها حوالى ٤٠ ألف كتاب، أهمها كتاب وصف مصر الأصلى الذى لا يستطيع حمل نسخته رجل بمفرده، كنت أتابع مجلته السنوية الرائعة التى كانت تغطى جميع مناحى العلم بقلم خيرة علماء وعقول مصر، ولمن يريد الاطلاع على بعضها من الممكن تحميلها من هذا العنوان الإلكترونى http://bib-alex.com/mglat.php

ستجد متعة وثقافة ورقيا،ً وستعرف كم عقلا رائعا يضمه هذا الوطن الجميل المنكوب.

ليس مصادفة أن يحترق عقل مصر على ناصية شارع الشيخ ريحان فى نفس الوقت الذى يحترق فيه هذا العقل داخل صناديق الانتخاب وعلى نواصى اللجان!!

هل امتدت ألسنة النيران لتحرق عقل ورشاد هذا الوطن بعد أن جرفته رمال الصحراء والتهمته أفواه الجراد الجائع القادمة أسرابه عبر البحر الأحمر؟ هل هى مصادفة؟ حتى لو كانت مصادفة فإعادة قراءة المشهد لابد أن تمنحنا دلالة صادمة.